يخوض المؤرخ الهاوي صالح جنحاني جهدا كبيرا ليبحث في صفحات تاريخ بلدته قمار أو أقمار كما يحب أن يطلق عليها
يتوج هذا الجهد بمقال تاريخي فريد يثبت فيه من خلال الوثائق المكتوبة أن اسم مدينته العتيقة كان في السابق "أقمار" كما كان يطلق العلامة خليفة بن حسن الاقماري اسمها على نفسه
تتدارى خلف تسمية مدينتنا «أقمار» قصة شيقة تحكي أسباب التسمية بالإضافة إلى الكثير عن تاريخها ، خصوصية موقعها وثقافتها واليوم سنحاول التطرق إلى بعض المرويات الجمعيّة المحليّة التي تكشف لنا أسباب إطلاق هذا الإسم الذي ما لبث أن حرّف وشوّه من طرف المحتلين الأجانب وكما هو معروف فإن أسماء المدن والبلدان مرتبطة دائمًا بنشأتها وتأسيسها لذا فإنه لابد أولًا إلى التطرق لتاريخ نشأة هاته المدينة الصحراوية التي أضحت فيما بعد حاضرة علمية ووجهة سياحية دينية ومحطة رئيسية للقوافل المارة من وإلى جنوب شرق الصحراء
فتأسيس مدينة أقمار كان في بادئ الأمر على الجهة الجنوبيّة الشَّرقيِّة للمدينة الحاليَّة (شرق الملعب البلدي) ، وكانت تسمَّى في ذلك الحين #الڨدايم ؛ وهي مدينة كانت تحوي ثمانين شارعًا كما يذكر الشيخ والمؤرخ #محمد_زبيري (البريّة) وعلى مقربة من الڨدايم تم تخصيص موقع أقمار الحالي كموقع لنزول قوافل الحجيج 
التي تمر على المدينة كل عام وهو المكان نفسه الذي خصص لإقامة الطلبة الأجانب الذين يدرسون في المدينة نهارًا على يد شيوخها ويخرجون ليلًا للمبيت في هذا المرتفع المشرف على جميع الجهات والذي تحيط بجهاته الثلاث سبخات ملحية كثيرة واقعة على مجرى #وادي_سوف القديم وكان الحجيج والطلبة الوافدون ينبهرون بروعة هذا المكان خاصة عند حلولهم به في الليالي المقمرة إذ تأخذ صورة القمر فيه بالإنعكاس على المياه المتجمعة في شتى الجهات فيصبح القمر الواحد أقمارًا كثيرة متناثرة أعطت للمكان منظرًا ساحرًا ملهمًا جعلهم يطلقون على هذا المكان إسم « أقمار» وخلال تلك الفترة وبعد أن توالت الاعتداءات الخارجية من الزاب وتقرت ومن أمازيغ الشمال على الڨدايم الواقعة في مكان منخفض مكشوف آثر أهلها التحول والصعود إلى مكان أقمار الحالي الواقع على ربوة عالية محاطة بمنخفظات طبيعية وذلك قصد تأمين أنفسهم من أية إعتداءات خارجية مباغتة وبهذا الإنحياز أضحت الڨدايم مدينة خالية وأخذ الموطن المحاذي الجديد «أقمار» في التوسع والازدهار ، لتبقى المدينة ولقرون طويلة بعد ذلك محافظة على إسمها الأصلي الصحيح «أقمار» كما هو بألفه دون تحريف وهو ما نجده في المخطوطات والوثائق القديمة المكتوبة من طرف أعلام البلدة أو من خارجها ونذكر من ذلك على سبيل المثال لا الحصر :
كتب ورسائل وفتاوى الشيخ سيدي #خليفة_بن_حسن_الأقماري (المتوفى.1792م) الذي كانت جميع وثائقه ممضية بالأقماري رسائل الشيخ #سيدي_أحمد_التجاني (المتوفى.1815م) شيخ الطريقة التجانية إلى التجانيين في أقمار رسائل سيدي #الحاج_علي_التماسيني (المتوفى.1844م) شيخ زاوية تماسين إلى الشيخ سيدي #علي_بن_حنيش الأقماري ( حوالي 300 رسالة) مخطوط مشجرة الأشراف الوزانيين في أقمار كتبت سنة (1793 م) من طرف الشيخ #سيدي_التهامي_الوزاني (دفين غمرة) كتاب ( Les légendes saharienne du Souf) للكاتب الفرنسي ج. #سال_مليلي والذي يشرح دلالات وأسباب تسمية المدينة وغير ذلك المئات من الوثائق والملكيات والرسائل الشخصية التي تكتب فيها كلمة «أقمار» بإثبات الألف في أولها وبدخول #الاحتلال_الفرنسي إلى الجزائر أخذ في الهيمنة على جميع الجوانب الاقتصادية والإجتماعية والثقافية للساكنة ومن بين ذلك تحريفه لأسماء عديد المدن في شتى أنحاء الوطن وعند وصوله إلى منطقة سوف سنة 1854 شمل هذا التحريف كذلك إسم مدينة «أقمار» واعتُمد في كتابته على ما يتلائم مع النطق الفرنسي للكلمة وهي (Guemar) (قمار) هاته الكتابة التي لا تتناسب إطلاقًا مع اللسان العربي السليم إذ أن القاعدة هي أن العرب لا تبدأ أبدًا بساكن ولا تقف على متحرك وحتى بعد سيطرة الإستعمار الفرنسي على الإدارة المحلية ظلّ جميع العلماء والفقهاء والنساخ المستقلون بعيدون كل البعد عن استعمال هذا الاسم المحرّف ، وهذا ما تؤكده جميع مخطوطات الفقه والتصوف وأصول الدين والطب الشعبي التي عثر عليها في الخزائن الخاصة لكل من العالمين الجليلين : - #سيدي_أحمد_دغمان (ت.1892) - سيدي #علي_بن_القيم (ت.1909م) وغيرهم ، فنجد أن الإسم المستعمل حتى أواخر القرن التاسع عشر في كل هذا الكم الكبير من المخطوطات هو «أقمار» فحسب وليس أي شيء غير ذلك وهو ما تعضده عديد الكتابات الأخرى كـ: - تاريخ المغرب الكبير ( #محمد_علي_دبوز) الجزء الثالث ( خريطة)
- Contes et légendes de Sahara (André Voisin) وبالرغم من توسع استعمال هذا الاسم الجديد لدى مصالح
الإدارة الاستعمارية المحليّة بعد ذلك إلّا أن النطق الجماعي لهاته الكلمة بقي ولا يزال لدى سكان المدينة والمنطقة كما هو «أڨمار» دون تحريف كما أن هذا التزييف الفرنسي لم ينطلِ أبدًا على الكثير من الأقماريين المعاصرين فنجدهم في كتاباتهم لا يستعملون سوى الإسم العربي الثابت تاريخيًا ولسانيًا ونحويًا ألا وهو «أقمار»
وهذه نماذج من المخطوطات والمطبوعات التي تتضمن اسم " أقمار" ومن لديه إضافة بخصوص هذا الموضوع فليفدنا بها مشكورا ...#الملاحق :
01 - وثيقة حبس بخط الشيخ سيدي خليفة بن حسن الأقماري مؤرخة عام 1747 م :
" الحَمْدُ لِلَّهْ ؛ حَبَّسَ المُكْرِمُ الحَاجْ النَّاسِكْ أَحْمَد بنْ سمِيطْ العَزَازِي جَمِيعَ مُلْكِهِ مِنَ النَّخِيْلِ خَارِجَ بَلَدِ اَقْمَارْ وَمَعَهُ غُوطْ عَبُّودَهْ بِغَمْرَة السُّفْلَى وَأَرْض ..."
02 - جزء من مشجرة الشرفاء الوزانيين بخط يد الشيخ سيدي التهامي الإدريسي الحسني توفي ودفن بغمرة بأحواز أقمار في أواخر القرن الثامن عشر :
{ ... كَاتِبُ الْحُرُوفِ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ الْحَقِير الْمُعْتَرِفُ بِالْعَجْزِ وَالتَّقْصِير الرَّاجِي عَفْوَ مَوْلَاه وَغُفْرَان ذُنُوبِهِ الطَّامِعُ فِي شَفَاعَةِ جِدِّهِ الْبَشِيرِ النَّذِيرِ اِلْتِهَامِيَّ بْنُ مَوْلَانَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَوْلَانَا مُحَمَّدٍ الْمُتَغَرِّبُ فِي مَدِينَةِ اقْمَارَ وَبِلَادُهُ فَاسُ الْغَرْبِ وَزَاوِيَّتُهُ فِي جَبَلِ الزَّان غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَلِوَالِدَيهِ وَلِمَشَايِخِه وَلَِكَاتِبِهِ وَلِكَآفَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَءَاخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين}
03 - رسالة بخط الشيخ سيدي أحمد التجاني (ت.1815) إلى أحباب مدينة أقمار :
{ بِسْم الله الرَّحْمَان الرَّحِيم وَصَلَّى الله عَلَى سَيِّدنَا مُحَمَّد وآله وَصَحْبهُ وَسُلَّم كَافَّة أَحْبَابنَا فَقُرَّاء قَرْيَة اقْمَار مِنْ بِلَاد سُوفْ حَفِظهَا الله مِنْ كُلِّ بُؤْسٍ وَخَوْفْ الأَحَبُّ الْأَكْرَمْ السَّيِّد مُحَمَّد السَّاسِي وَجُمْلَة الْأَحْبَابْ كُلّ وَاحِدٍ بِاسْمِهِ وَعَيْنِهِ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ ذكورًا أَوْ إِنَاثًا صِغَارًا أَوْ كِبَارًا السُّلَّام عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّه وَبَرَكَاتُهُ وَرِضْوَانُه ... }
04 - رسالة بخط الشيخ سيدي الحاج علي التماسيني (ت.1844م) إلى أحباب مدينة أقمار :
{ بِسْم الله الرَّحْمَان الرَّحِيم وَصَلَّى الله عَلَى سَيِّدنَا مُحَمَّد بحَمِدِ اللَّه يَصِلُ الْكِتَاب إِلَى أَحْبَابنَا مِعَادْ اَقْمَارْ كَآفّه وَجَمِيعْ أَهْل الْبِلَادْ وَجَمِيعْ الْأَحْبَابْ حَيْثُمَا كَانُوا السَّلَاَم التَّامّ الشَّامِل عَلَيْكُمْ وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته ...}
05 - مخطوط بخط يد الشيخ سيدي علي بن القيّم رحمه الله تم نسخه بتاريخ 16 أوت 1886م :
{ ... تَمّ نُسَخهُ بحَمْدِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ وَفَضْلِهُ وَكَرَمِهُ وَعِلْمِهُ وَ ؟؟اته عَلَى يَدْ الْعَبْد الْحَقِير الذَّليل الرَّاجِي مِنْ مَوْلَاه الْعَفْوَ عَنْ زَلَّاتِهِ وَغُفْرَانَ سَيِّئَاتِهِ وَسِتْرِ عُيُوبِهِ عَلِي بْنُ الْقِيِّم السُّوفِي ثُمَّ الْأَقْمَارِيّ دَارًا وَمَنْشِئًا مَذْهَبًا الْأَشْعَرِي الْمَالِكِي اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ التَّغَمُّدَ بِرَحْمَتِكَ الْوَاسِعَه الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ وَاِغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَوَالِدي وَالِدِينَا وَمَشَايِخنَا وَلِمَنْ ...}
06 - مخطوط بخط يد الشيخ سيدي علي بن القيّم ( ت.1907م) :
{ اِنْتَهَتْ الْأَحَادِيثُ النَّبَوِيَّة عَلَى صَاحِبهَا أَفْضَلُ الصَّلَاَةِ وَالسَّلَامْ كَاتِبهَا عَلِي بْنُ الْحَاجّ مُحَمَّد بْنُ القِيِّمْ الأَقْمَارِي السُّوفِي مَذْهَبًا الْمَالِكِي الْأَشْعِرِي}
07 - كَمَا تَرْجَمَ الْفَقِيه وَالْعلامة الْمَغْرِبِي أحمد بن الحاج العياشي سُكيرج (ت.1944) فِي كِتَابِهِ [ كشف الحجاب ] لِعَدِيدِ الشَّخْصِيَّات الدِّينِيَّة الْأَقْمَارِيَّة وَكَانَتْ كُلُّهَا بِإِثْبَاتِ الْأَلْفِ فِي كَلِمَةِ أَقْمَار
08 - كَمَا تَرْجَمَ الْفَقِيه وَالْمُؤَرِّخ الْمَغْرِبِي مُحَمَّدْ الحَجُّوجِي الحَسَنِي (ت.1951) فِي كِتَابِهِ [الإِتْحَافْ] لِعَدِيدِ الشَّخْصِيَّات الدِّينِيَّة الْأَقْمَارِيَّة وَكَانَتْ كُلُّهَا بِإِثْبَاتِ الْأَلِْفِ فِي كَلِمَةِ أَقْمَار
09 - جريدة صوت سوف لسنة 1953م
«نتائج التنظيم الإداري في الوادي»
تصدر عن المكتب الفرنسي الخامس :
{ اقمار : 611.161 السَّيِدْ بَشَا أغَهْ لهْلَالِي لَخْضَرْ }
10 - وقد كانت عناوين المراسلات التي تُتداول تستخدم اسم " أقمار"
11 - وَقَدِ اِتَّخَذَتْ المَهْرَجَانَات وَالتَّظَاهُرَات والمَجَلاَّت الثَّقَافِيَّة وَالرِّيَاضِيَّة التي رَاجَتْ كَثِيرًا فَتْرَة السَّبْعِينَاتُ وَالثَّمَانِينَاتُ إِسْم الْمَدِينَة كَذَلِكَ بِألْفه دُونَ تَحْرِيف وَمَنْ ذَلِكَ : - مَهْرَجَان أَقْمَار الثَّقَافِي - مَهْرَجَان أَقْمَار السِّيَاحِي - لَيَالِي أَقْمَار - الأُنْشودَة الْمَدْرَسِيَّة - مَجَلَّةُ ....
تعليقات
إرسال تعليق